شرح وتفسير سورة الليل surah Al-Lail
سورة الليل |
📖شرح وتفسير سورة الليل surah Al-Lail📖
سورة الليل ، وَهي من السور المكية ، وَمن المفصل ، وعدد آياتها واحد وعشرون 21 ، وترتيبها في القرآن الكريم إثنان وتسعون 92 ، من الجزء الثلاثين 30 ، وقد بدأت بأسلوب القسم ¤ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ¤ ، ولم يُذكر فيها لفظ الجلالة ، وقد نزلت بعد سورة الأعلى .
شرح الكلمات:
*- إذا يغشى: أي بظلمته كل ما بين السماء* والأرض في الإِقليم الذي يكون به.*- إذا تجلى: أي تكشف وظهر في الإِقليم الذي هو به وإذا* جاءت هنا وفي التي قبلها ظرفية وليست شرطية.
*- وما خلق الذكر والأنثى: أي ومن خلق الذكر والأنثى آدم وحواء* وكل ذريتهما وهو الله تعالى.
*- إن سعيكم لشتى: أي إن عملكم أيها الناس لمختلف منه الحسنة* المورثة للجنة ومنه السيئة الموجبة للنار.
*- من أعطى واتقى: أي حق الله* وأنفق في سبيل الله* واتقى ما يسخط الله* تعالى من الشرك والمعاصي.
*- وصدق بالحسنى: أي بالخلف لحديث اللهم* أعط منفقا خلفًا.
*- فسنيسره لليسرى: أي فسنيسره للخلة* أي الخصلة اليسرى* وهي العمل بما يرضاه الله* منه في الدنيا ليوجب له به* الجنة في الآخرة.
*- وأما من بخل واستغنى: أي منع حق الله* والإِنفاق في سبيل الله* واستغنى بماله عن الله* فلم يسأله* من فضله ولم يعمل عملا صالحا يتقرب به إليه.
*- وكذب بالحسنى: أي بالخلف وما ثتمره* الصدقة والإِيمان وهو الجنة.
*- فسنيسره للعسرى: فسنهيئه للخلة* العسرى وهي العمل بما يكرهه الله* ولا يرضاه* ليكون قائده إلى النار.
*- إذا تردى: أي في جهنم* فسقط فيها.
*- إن علينا للهدى: أي إن علينا لبيان الحق* من الباطل والطاعة* من المعصية.*
*- وإن لنا للآخرة والأولى: أي ملك ما في الدنيا* والآخرة* نعطي ونحرم من نشاء لا مالك غيرنا*.
*- إذا تردى: أي في جهنم* فسقط فيها.
*- إن علينا للهدى: أي إن علينا لبيان الحق* من الباطل والطاعة* من المعصية.*
*- وإن لنا للآخرة والأولى: أي ملك ما في الدنيا* والآخرة* نعطي ونحرم من نشاء لا مالك غيرنا*.
*- فأنذرتكم: أي خوفتكم.*
*- نارا تلظى: أي تتوقد*.
*- لا يصلاها: أي لا يدخلها* ويحترق بلهبها.*
*- إلا الأشقى: أي إلا* الشقي.*
*- الذي كذب وتولى: كذب النبي صلى الله* عليه وسلم فيما جاء به وتولى أعرض عن الإِيمان به* وبما جاء به من التوحيد والطاعة لله* ورسوله.
*- وسيجنبها الأتقى: أي يبعد* عنها التقي.*
*- يتزكى: أي يتطهر به فلذا يخليه* من النظر إلى غير الله* فهو لذلك خال من الرياء والسمعة*.
*- وما لأحد عنده من نعمة تجزى: أي ليس لأحد *من الناس عليه* منَّة فهو يكافئه بذلك.
*- إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى: لكن يؤتي ماله* في سبيل الله* ابتغاء مرضاة الله* عز وجل.
*- ولسوف يرضى: أي يعطيه الله* تعالى من الكرامة ما يرضي به* في دار السلام.
معنى الآيات:
قوله تعالى { وَٱلْلَّيْلِ } أقسم تعالى بالليل { إِذَا يَغْشَىٰ } بظلامه الكون،* وبالنهار { إِذَا تَجَلَّىٰ } أي تكشف وظهر وهما آيتان من آيات الله الدالتان على ربوبيته تعالى الموجبة لألوهيته،* وأقسم بنفسه جل وعز فقال { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } أي والذي خلق الذكر والأنثى* آدم وحواء ثم سائر الذكور وعامة الإِناث من كل الحيوانات وهو مظهر لا يقل عظمة على آيتي الليل والنهار والمقسم عليه أو جواب القسم هو قوله * { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } أي إن عملكم أيها الناس لمختلف منه الحسنات الموجبة* للسعادة والكمال في الدارين* ومنه السيئات الموجبة* للشقاء في الدارين أي دار الدنيا ودار الآخرة.* وبناءً على هذا { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ } حق الله في المال فأنفق وتصدق في سبيل الله * { وَٱتَّقَىٰ } الله تعالى فآمن به وعبده ولم يشرك به * { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } التي هي الخلف أي العوض المضاعف الذي واعد به تعالى من ينفق في سبيله في قوله { وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ } [سبأ: 39] وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح " ما من يوم تطلع فيه الشمس إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا " ، فَسَيُهيِّئُهُ للخلة اليسرى وهي العمل بما يرضاه الله منه في الدنيا ويثيبه عليه في الآخرة بالجنة * { وَأَمَّا مَن بَخِلَ } بالمال فلم يعط حق الله فيه ولم يتصدق متطوعا في سبيل الله * { وَٱسْتَغْنَىٰ } بماله وولده وجاهه فلم يتقرب إلى الله* تعالى بطاعته في ترك معاصيه* ولا في أداء فرائضه وكذب بالخلف من الله تعالى على من ينفق في سبيله * { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } أي فسنهيئه للخلة العسرى وهي العمل بما يكره الله تعالى ولا يرضاه من الذنوب والآثام ليكون ذلك قائده إلى النار.
وقوله تعالى * { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ } يخبر تعالى بأن من بخل واستغنى وكذب بالحسنى حفاظا على ماله وشحا به وبخلا أن ينفقه في سبيل ربه هذا المال لا يغني عنه شيئا يوم القيامة* إذا ألقي به في نار جهنم فتردى ساقطا فيها على أم رأسه* كما قال تعالى { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } [القارعة: 8] أي لعدم الحسنات الكافية فيها{ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ } [القارعة: 9-11] .
قوله تعالى { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } الآيات.. بعد أن علم تعالى عباده* أن ييسر لليسرى من أعطى واتقى وصدق بالحسنى*، وأنه ييسر للعسرى من بخل واستغنى* وكذب بالحسنى أعلم بحقيقة* أخرى وهي أن بيان الطريق الموصل* بالعبد لليسرى هو على الله* تعالى متكفل به وقد بينه* بكتابه ورسوله* فمن طلب اليسرى فأولا يؤمن بالله ورسول*ه ويوطن نفسه على طاعتهما ويأخذ في تلك الطاعة* يعمل بها وثانيا ينفق في سبيل الله ما يطهر به* نفسه من البخل وشح النفس ويظهر فقره وحاجته إلى الله* تعالى بالتقرب إليه بالنوافل وصالح الأعمال* وبذلك يكون قد يُسر فعلا لليسرى* وقوله تعالى { وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } أي الدنيا وعليه* فمن طلبها من غيرنا فقد أخط*أ ولا يحصل عليها بحال فطلب الآخرة* يكون بالإِيمان والتقوى*، وطلب الدنيا يكون* بالعمل حسب سنتنا* في الكسب وحصول المال* وقوله تعالى { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ لاَ يَصْلَٰهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } أي فبناء على* ما بيّنا لكم فقد أنذرتكم* أي خوفتكم نارا تلظى* أي تتوقد التهابا* لا يصلاها لا يدخلها ويصطلي بحرها* خالداً فيها أبدا إلا الأشقى* اي الأكثر شقاوة* وهو المشرك وقد يدخلها الشقي* من اهل التوحيد ويخرج منها بتوحيده*، حيث لم يكذب ولم يتول، ولكن فجر وعصى*، وما أشرك وما تولى، وقوله تعالى { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى ٱلَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } اي يعطي* ماله في سبيل الله* يتزكى به من مرض الشح والبخل وآثار الذنوب والإِثم*، وقوله { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ } أي فهو ينفق* ما ينفقه في سبيل الله* خاصة وليس ما ينفقه* من أجل أن عليه لأحد من الناس فضلا أو يداً فهو يكافئه* بها لا لا، وإنما هو ينفق ابتغاء وجه ربه* الأعلى أي يريد رضا رب*ه تعالى لا غير.*
قال تعالى { وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ } أي ما دام ينفق* ابتغاء وجهنا فقط فسوف نكافئه* ونعطيه عطاء يرضى به* وذلك في الجنة* دار السلام*.
هذه الآية الكريمة* نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله* عنه فقد كان في مكة يشتري العبيد* من مواليهم الذين يعذبونهم* من أجل إسلامهم فكان يشتريهم ويعتقهم لوجه الله* تعالى ومنهم بلال رضي الله* عنه فقال المشركون إنما فعل ذلك ليد عنده* أي نعمه فهو يكافيه* بها فأكذبهم الله* في ذلك وأنزل قوله وسيجنبها الأتقى الآيات*.
*- تقرير القضاء والقدر وهو أن كل إنسان ميسر* لما خلق له من سعادة أو شقاء لحديث " اعملوا فكل ميسر لما خلق له " ، مع تقرير أن من وفق للعمل بما يرضى الله* تعالى كان ذلك دليلا على أنه مكتوب سعيدا إذا مات على ما وفق له من العمل الصالح.
قوله تعالى { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } الآيات.. بعد أن علم تعالى عباده* أن ييسر لليسرى من أعطى واتقى وصدق بالحسنى*، وأنه ييسر للعسرى من بخل واستغنى* وكذب بالحسنى أعلم بحقيقة* أخرى وهي أن بيان الطريق الموصل* بالعبد لليسرى هو على الله* تعالى متكفل به وقد بينه* بكتابه ورسوله* فمن طلب اليسرى فأولا يؤمن بالله ورسول*ه ويوطن نفسه على طاعتهما ويأخذ في تلك الطاعة* يعمل بها وثانيا ينفق في سبيل الله ما يطهر به* نفسه من البخل وشح النفس ويظهر فقره وحاجته إلى الله* تعالى بالتقرب إليه بالنوافل وصالح الأعمال* وبذلك يكون قد يُسر فعلا لليسرى* وقوله تعالى { وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } أي الدنيا وعليه* فمن طلبها من غيرنا فقد أخط*أ ولا يحصل عليها بحال فطلب الآخرة* يكون بالإِيمان والتقوى*، وطلب الدنيا يكون* بالعمل حسب سنتنا* في الكسب وحصول المال* وقوله تعالى { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ لاَ يَصْلَٰهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } أي فبناء على* ما بيّنا لكم فقد أنذرتكم* أي خوفتكم نارا تلظى* أي تتوقد التهابا* لا يصلاها لا يدخلها ويصطلي بحرها* خالداً فيها أبدا إلا الأشقى* اي الأكثر شقاوة* وهو المشرك وقد يدخلها الشقي* من اهل التوحيد ويخرج منها بتوحيده*، حيث لم يكذب ولم يتول، ولكن فجر وعصى*، وما أشرك وما تولى، وقوله تعالى { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى ٱلَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } اي يعطي* ماله في سبيل الله* يتزكى به من مرض الشح والبخل وآثار الذنوب والإِثم*، وقوله { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ } أي فهو ينفق* ما ينفقه في سبيل الله* خاصة وليس ما ينفقه* من أجل أن عليه لأحد من الناس فضلا أو يداً فهو يكافئه* بها لا لا، وإنما هو ينفق ابتغاء وجه ربه* الأعلى أي يريد رضا رب*ه تعالى لا غير.*
قال تعالى { وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ } أي ما دام ينفق* ابتغاء وجهنا فقط فسوف نكافئه* ونعطيه عطاء يرضى به* وذلك في الجنة* دار السلام*.
هذه الآية الكريمة* نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله* عنه فقد كان في مكة يشتري العبيد* من مواليهم الذين يعذبونهم* من أجل إسلامهم فكان يشتريهم ويعتقهم لوجه الله* تعالى ومنهم بلال رضي الله* عنه فقال المشركون إنما فعل ذلك ليد عنده* أي نعمه فهو يكافيه* بها فأكذبهم الله* في ذلك وأنزل قوله وسيجنبها الأتقى الآيات*.
من هداية الآيات:
*- بيان عظمة الله وقدرته وعلمه الموجبة لربوبيته المقتضية لعبادته وحده دون سواه.*- تقرير القضاء والقدر وهو أن كل إنسان ميسر* لما خلق له من سعادة أو شقاء لحديث " اعملوا فكل ميسر لما خلق له " ، مع تقرير أن من وفق للعمل بما يرضى الله* تعالى كان ذلك دليلا على أنه مكتوب سعيدا إذا مات على ما وفق له من العمل الصالح.
*- وأن من وفق للعمل المسخط لله تعالى* كان دليلا على أنه مكتوب شقاوته إن هو مات على ذلك.
*- تقرير أن التوفيق للعمل بالطاعة* يتوقف حسب سنة الله* تعالى على رغبة العبد وطلبه ذلك والحرص عليه واختياره على غيره وتسخير النفس والجوارح له.
*- تقرير أن التوفيق للعمل بالطاعة* يتوقف حسب سنة الله* تعالى على رغبة العبد وطلبه ذلك والحرص عليه واختياره على غيره وتسخير النفس والجوارح له.
*- كما أن التوفيق للعمل* الفاسد قائم على ما ذكرنا في العمل الصالح* وهو اختيار العبد وطلبه وحرصه وتسخير نفسه وجوارحه لذلك هذه سنة من سنن الله* تعالى* في خلقه.
*- بيان أن الله* تعالى متكفل بطريق الهدى فأرسل الرسل وأنزل الكتاب* فأبان الطريق* وأوضح السبيل.
*- بيان أن لله تعالى* وحده الدنيا والآخرة* فمن أرادهما أو إحداهما فليطلب ذلك من الل*ه تعالى فالآخرة* تطلب بالإِيمان والتقوى* والدنيا تطلب باتباع سنن الله* تعالى في الحصول عليها*.
*- بيان فضل أبي بكر الصديق* وأنه مبشر بالجنة* في هذه الآية الكريمة*.
* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى
ليست هناك تعليقات