شرح وتفسير سورة الفجر surah Al-Fajr
![]() |
سورة الفجر |
📖شرح وتفسير سورة الفجر surah Al-Fajr📖
سورة الفجر ، وهي من السور المكية ، وَمن المفصل ، وعدد آياتها ثلاثون 30 ، وترتيبها في القرآن الكريم تسعة وثمانون 89 ، من الجزء الثلاثون 30 ، وقد بدأت بأسلوب القسم ¤ وَالْفَجْرِ ¤ ، وقد نزلت بعد سورة الليل .
شرح الكلمات:
* والفجر: أي فجر *كل يوم.
* وليال عشر: أي عشر ذي* الحجة.
* والشفع والوتر: أي الزوج* والفرد.
* والليل إذا يسر: أي مقبلا* أو مدبراً.
* لذي حجر: أي حجى* وعقل.
* وليال عشر: أي عشر ذي* الحجة.
* والشفع والوتر: أي الزوج* والفرد.
* والليل إذا يسر: أي مقبلا* أو مدبراً.
* لذي حجر: أي حجى* وعقل.
* بعاد إرم: هي عاد* الأولى.
* ذات العماد: إذ كان طول الرجل منهم* اثني عشر ذراعاً.
* جابوا الصخر بالواد: أي قطعوا الصخر جعلوا* من الصخور بيوتا بوادي القرى.
* ذي الأوتاد: أي صاحب الأوتاد وهي أربعة* أوتاد يشدُّ إليها يدي ورجلي من يعذبه.
* طغوا في البلاد: أي تجبروا فيها وظلموا* العباد وأكثروا فيها الفساد.
* فأكثروا فيها الفساد: أي الشرك والقتل.
* سوط عذاب: أي نوع عذاب.
* لبالمرصاد: أي يرصد أعمال* العباد ليجزيهم عليها.
* فأما الإِنسان: أي الكافر المشرك*.
* ابتلاه: أي اختبره*.
* وأكرمه ونعمه: أي بالمال والجاه* ونعَّمه بالخيرات.
* أكرمن: أي فضلني لمالي* من مزايا على غيري.
* فقدر عليه رزقه: أي ضيقه* ولم يوسعه عليه.
* أهانن: أي أذلني بالفق*ر ولم يشكر الله *على ما وهبه من سلامة* جوارحه والعافية في جسمه.
* كلا: أي ليس الأمر كما يرى* هذا الكافر ويعتقد ويقول*.
* التراث: أي الميراث*.
* أكلا لما: أي أكلاً كثيرا* ولمَّاً شديداً إذ يلمون نصيب النساء* والأطفال لما لهم فلا يورثونهم* من التركة.
* حبا جما: أي حبا *شديداً كثيراً.
* إذا دكت الأرض دكا: أي حركت حركة شديدة* وزلزلت زلزالا قويا فلم يبق* عليها شاخص البتة.
* والملك صفا صفا: أي والملائكة* أي صفا بعد صف.
* وجيء يومئذ بجهنم: أي تجر بسبعين ألف زمام* كل زمام بأيدي سبعين ألف ملك*.
* يتذكر الإِنسان: أي الكافر ما قالت* له الرسل من وعد الله* ووعيده، يوم لقائه.
* وأنى له الذكرى: أي لا تنفعه في* هذا اليوم الذكرى.
* قدمت لحياتي: أي هذه الإِيمان* وصالح الأعمال.
* لا يعذب عذابه أحد: أي لا يعذب مثل* عذاب الله* أحد أي في قوته وشدته*.
* يتذكر الإِنسان: أي الكافر ما قالت* له الرسل من وعد الله* ووعيده، يوم لقائه.
* وأنى له الذكرى: أي لا تنفعه في* هذا اليوم الذكرى.
* قدمت لحياتي: أي هذه الإِيمان* وصالح الأعمال.
* لا يعذب عذابه أحد: أي لا يعذب مثل* عذاب الله* أحد أي في قوته وشدته*.
* ولا يوثق وثاقه أحد: أي ولا يوثق* أحد مثل وثاق الله* عز وجل.
* يا أيتها النفس المطمئنة: أي المؤمنة الآمنة* اليوم من العذاب لما لاح لها من بشائر النجاة*.
* ارجعي إلى ربك: أي إلى جواره* في دار كرامته أي الجنة.
* فادخلي في عبادي: أي في جملة عبادي* المؤمنين المتقين.
* وادخلي جنتي: أي دار كرامتي* لأوليائي.
معانى الآيات:
قوله تعالى { وَٱلْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ } هذه أربعة أشياء قد أقسم الله تعالى بها وهي الفجر وفي كل يوم فجر* وجائز أن يكون قد أراد تعالى فجر يوم معين وجائز* أن يريد فجر كل يوم { وَلَيالٍ عَشْرٍ } وهي العشر الأول من شهر ذي الحجة* وفيها عرفة والأضحى وقد أشاد بها رسول الله* صلى الله* عليه وسلم وقال " ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله تعالى من عشر ذي الحجة " والشفع وهو كل زوج* والوتر وهو كل فرد فهو إقسام بالخلق كله { وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ } مقبلاً أو مدبراً *فهو بمعنى والليل إذا سار والسير يكون صاحبه* ذاهبا أو آيبا وقوله تعالى { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ } أي لذي حجر ولب وعقل أي نعم فيه قسم عظيم* وجواب القسم أو المقسم عليه جائز أن يكون قوله تعالى { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } الآتي، وجائز أن يكون مقدراً مثل لتبعثن* ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير، وهذا لأن السورة مكية وهي* تعالج العقيدة ومن أكبر ما أنكره المشركون البعث والجزاء فلذا هذا *الجواب مراد ومقصود. ويدل عليه ما ذكر تعالى من مظاهر قدرته في الآيات* بعد والقدرة هي التي يتأتّى بها البعث والجزاء فقال عز وجل { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ } أي ألم تنظر بعيني قلبك كيف فعل ربك بعاد* إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وهي عاد الأولى قوم هود الذين قالوا من أشد منا قوة، وقال لهم نبيهم هود وزادكم في الخلق بسطة*فقد كان طول الرجل منهم اثني عشر ذراعا، ولفظ إرم عطف بيان لعاد* فإِرم هي عاد قوم هود ووصفها بأنها ذات عماد* وأنها لم يخلق مثلها في البلاد هو وصف لها بالقوة والشدة* وفعلا كانوا أقوى الأمم وأشدها ولازم طول الأجسام* أن تكون أعمدة المنازل كأعمدة الخيام من الطول* ما يناسب سكانها في طولهم.
ومع هذه القوة والشدة فقد أهلكهم الله* الذي هو أشد منهم قوة وقوله تعالى { وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ }. أي وانظر كيف فعل ربك بثمود* وهم أصحاب الحجر (مدائن صالح) شمال المدينة النبوية قوم صالح الذين كانوا أقوياء أشداء حتى إنهم قطعوا الصخور* نحتاً لها فجعلوا منها البيوت والمنازل كما قال تعالى عنهم{ وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتاً } [الأعراف: 74] والمراد بالواد واديهم الذي كان بين جبلين* من جبالهم التي ينحتون منها البيوت. فمعنى جابوا الصخر بالواد أي قطعوا الصخور* بواديهم وجعلوا منها مساكن لهم تقيهم* برد الشتاء القارص وحر الصيف اللافح، ومع هذا فقد أهلكهم الل*ه ذو القوة المتين وقوله { وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } وانظر يا رسولنا كيف فعل ربك بفرعون* صاحب المشانق والقتل والتعذيب إذ كان له أربعة* أوتاد إذا أراد قتل من كفر به وخرج عن طاعته قيد كل يد بوتد وكل رجل* بوتد ويقتله كما هي المشانق التي* وضعها الطغاة الظلمة فيما بعد. وقوله تعالى { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } وهو الشرك والمعاصي فأهلكهم الله* أجمعين عاد إرم وثمود وفرعون وملأه إذ صب عليهم ربك سوط عذاب* أي نوع عذاب من أنواع عذابه فأهلك عاد إرم بالريح* الصرصر، وثمود بالصيحة العاتية، وفرعون بالغرق* في البحر. وقوله تعالى { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } أي لكل جبارعات* وطاغية ظالم أي هو تعالى يرصد أعمال العباد ليجزيهم* بها في الدنيا وفي الآخرة. ولفظ المرصاد يطلق على مكان* يرصد فيه تحركات الصيد الذي يصاد، أو تحركات العدو* وهو كبرج المراقبة. والرب تبارك وتعالى فوق عرشه* والخليقة كلها تحته يعلم ظواهرها وبواطنها ويراقب أعمالها ويجزيها بحسبها قال تعالى{ وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } [الأنعام: 3].
قوله تعالى { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ } لقد تقدم قول الله تعالى { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } [الآية: 14] وهو دال على أن الله* تعالى يحب من عبده أن يعبده* ويشكره ليكرمه في دار كرامته* يوم لقائه، وإِعلام الله* تعالى عباده بأنه بالمرصاد* يراقب أعمالهم دلالته* على أنه يخوفهم من معاصيه* ويرغبهم في طاعته* واضحة فتلخص من ذلك أن الل*ه تعالى لا يرضى لعباده* الكفر وأنه يحب لهم الشكر* فأما الإِنسان فماذا يحب* وماذا يكره قال تعالى* عنه فأما الإِنسان وهو المشرك* وأكثر الناس مشركون* إذا ما ابتلاه ربه أي اختبره فأكرمه* بالمال والولد والجاه* ونعمه بالأرزاق والخيرات لينظر الله* هل يشكر أو يكفر فيقول* مفاخراً ربي أكرمن أي فضلني على غيري* لما لي من فضائل ومزايا *لم تكن لهؤلاء الفقراء* وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه* رزقه فيقول ربي أهانن أي وأما إذا ما اختبره* وضيق عليه رزقه* لينظر تعالى هل يصبر العبد المختبر* أو يجزع فيقول ربي أهانن أي أذلني فأفقرني*.
وقوله تعالى { كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً } أي ألا فارتدعوا أيها الماديون* الذين تقيسون الأمور كلها بمقاييس المادة فالله* جل جلاله يوسع الرزق اختبارا للعبد هل يشكر نعم الله*عليه فيذكرها ويشكرها بالإِيمان والطاعة ويضيّق الرزق* امتحانا هل يصبر العبد لقضاء* ربه أو يجزع*. وإنما أنتم أيها الماديون ترون* أن في التوسعة إكراما وفي التضييق* إهانة كلا ليس الأمر كذلك*، ونظريتكم المادية* هذه أتتكم من حبّكم الدنيا* واغتراركم بها ويشهد بذلك* إهانتكم لليتامى وعدم إكرامكم* لهم لضعفهم وعجزهم أمامكم*، وعدم الاستفادة المادية منهم*. وشاهد آخر أنكم لا تحضون* أنفسكم ولا غيركم على إطعام المساكين* وهم جياع أمامكم، وآخر أنكم تأكلون التراث* أي الميراث أكلا لما شديدا تجمعون* مال الورثة من الأطفال والنساء إلى أموالكم*. وتحرمون الضعيفين الأطفال والنساء*. وآخر وتحبون المال حبا جما* أي قويا شديدا*. كلا ألا ارتدعوا وأخرجوا من دائرة هذه النظرية* المادية قبل حلول العذاب*، ونزول ما تكرهون*. فآمنوا بالله ورسوله.
قوله تعالى { إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً } هو كقوله{ وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ }[الانشقاق: 3-4] { وَجَآءَ رَبُّكَ } أي لفصل القضاء { وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } بعد صف، { وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } تجر بسبعين ألف زمام كل زمام بأيدي سبعين* ألف ملك، هنا وفي هذا اليوم وفي هذه الساعة { يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ } المهمل المفرط* المعرض عن دعوة الرسل*، الكافر بلقاء الله* والجزاء على الأعمال* { وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } هنا يتذكر وما يتذكر*؟، وكفره كان عريضاً وشره* كان مستطيراً، ماذا يتذكر وهل تنفعه *الذكرى، اللهم لا، لا وماذا عساه أن يقول في هذا الموقف الرهيب* يقول نادما متحسراً { يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } أي هذه الحياة الماثلة* بين يديه، وهل ينفعه التمني اللهم لا، لا.
قال تعالى مخبرا عن شدة* العذاب وقوة الوثاق* { فَيَوْمَئِذٍ } إذ تقوم القيامة* ويجيء الربّ لفصل القضاء* ويجاء بجهنم *ويتذكر الإِنسان ويأسف ويتحسر* في هذا اليوم يقضي الله* تعالى بعذاب أهل الكفر* والشرك والفجور والفسوق فيعذبون ويوثقون بأمر الله* وقضائه في السلاسل ويغلون في الأغلال* ويذوقون العذاب والنكال* الأمر الذي ما عرفه الناس* في الدنيا أيام كانوا يعذبون* المؤمنين ويوثقونهم في الحبال* وهو ما أشار إليه بقوله: { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ } أي لا يعذب عذاب* أحد في الدنيا مهما* بالغ في التعذيب عذاب الله* في الآخرة { وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } أي لا يوثق* أحد في الدنيا وثاق الله* في الآخرة هذه صورة* من عذاب الله* لأعدائه من أهل الشرك* به والكفر بآياته* ورسوله ولقائه وأما أهل الإيمان به وطاعته* وهم أولياؤه الذين آمنوا في الدنيا* وكانوا يتقون فها هم ينادون فاستمع { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ } إلى صادق وعد الله* ووعيده في كتابه وعلى لسان رسوله* فآمنت واتقت وتخلت* عن الشرك والشر فكانت مطمئنة* بالإِيمان وذكر الله* قريرة العين بحب الله *ورسوله، وما وعدها الرحمن { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ } أي إلى جواره* في دار كرامته حال كونك { رَاضِيَةً } ثواب الله* لك مرضيا عنك من قبل مولاك { فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي } أي في جملة* عبادي الصالحين { وَٱدْخُلِي جَنَّتِي } فيقال لها هذا عندما يرسل الله* الأرواح إلى الأجساد يوم المعاد*، فإِذا دخلت تلقتها الملائكة* بالسلام وتساق إلى ساحة* العرض وتعطى كتابها بيمينها* وثم يقال لها ادخلي في عبادي* أي في جملتهم وادخلي جنتي* بعد مرورها على الصراط اللهم اجعل نفسي* مثل تلك النفس المطمئنة بالإِيمان وذكر الله* ووعد الرحمن وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.
*- بيان مظاهر قدرة الله* في إهلاك الأمم العاتية والشعوب الظالمة مستلزم لقدرته تعالى على البعث والجزاء والتوحيد والنبوة وهو ما أنكره أهل مكة.
*- التحذير من عذاب الله* ونقمه فإِنه تعالى بالمرصاد فليحذر المنحرفون عن سبيل الله* والحاكمون بغير شرعه والعاملون بغير هداه أن يصب عليهم سوط عذاب.
قوله تعالى { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ } لقد تقدم قول الله تعالى { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } [الآية: 14] وهو دال على أن الله* تعالى يحب من عبده أن يعبده* ويشكره ليكرمه في دار كرامته* يوم لقائه، وإِعلام الله* تعالى عباده بأنه بالمرصاد* يراقب أعمالهم دلالته* على أنه يخوفهم من معاصيه* ويرغبهم في طاعته* واضحة فتلخص من ذلك أن الل*ه تعالى لا يرضى لعباده* الكفر وأنه يحب لهم الشكر* فأما الإِنسان فماذا يحب* وماذا يكره قال تعالى* عنه فأما الإِنسان وهو المشرك* وأكثر الناس مشركون* إذا ما ابتلاه ربه أي اختبره فأكرمه* بالمال والولد والجاه* ونعمه بالأرزاق والخيرات لينظر الله* هل يشكر أو يكفر فيقول* مفاخراً ربي أكرمن أي فضلني على غيري* لما لي من فضائل ومزايا *لم تكن لهؤلاء الفقراء* وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه* رزقه فيقول ربي أهانن أي وأما إذا ما اختبره* وضيق عليه رزقه* لينظر تعالى هل يصبر العبد المختبر* أو يجزع فيقول ربي أهانن أي أذلني فأفقرني*.
وقوله تعالى { كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً } أي ألا فارتدعوا أيها الماديون* الذين تقيسون الأمور كلها بمقاييس المادة فالله* جل جلاله يوسع الرزق اختبارا للعبد هل يشكر نعم الله*عليه فيذكرها ويشكرها بالإِيمان والطاعة ويضيّق الرزق* امتحانا هل يصبر العبد لقضاء* ربه أو يجزع*. وإنما أنتم أيها الماديون ترون* أن في التوسعة إكراما وفي التضييق* إهانة كلا ليس الأمر كذلك*، ونظريتكم المادية* هذه أتتكم من حبّكم الدنيا* واغتراركم بها ويشهد بذلك* إهانتكم لليتامى وعدم إكرامكم* لهم لضعفهم وعجزهم أمامكم*، وعدم الاستفادة المادية منهم*. وشاهد آخر أنكم لا تحضون* أنفسكم ولا غيركم على إطعام المساكين* وهم جياع أمامكم، وآخر أنكم تأكلون التراث* أي الميراث أكلا لما شديدا تجمعون* مال الورثة من الأطفال والنساء إلى أموالكم*. وتحرمون الضعيفين الأطفال والنساء*. وآخر وتحبون المال حبا جما* أي قويا شديدا*. كلا ألا ارتدعوا وأخرجوا من دائرة هذه النظرية* المادية قبل حلول العذاب*، ونزول ما تكرهون*. فآمنوا بالله ورسوله.
قوله تعالى { إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً } هو كقوله{ وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ }[الانشقاق: 3-4] { وَجَآءَ رَبُّكَ } أي لفصل القضاء { وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً } بعد صف، { وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } تجر بسبعين ألف زمام كل زمام بأيدي سبعين* ألف ملك، هنا وفي هذا اليوم وفي هذه الساعة { يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ } المهمل المفرط* المعرض عن دعوة الرسل*، الكافر بلقاء الله* والجزاء على الأعمال* { وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } هنا يتذكر وما يتذكر*؟، وكفره كان عريضاً وشره* كان مستطيراً، ماذا يتذكر وهل تنفعه *الذكرى، اللهم لا، لا وماذا عساه أن يقول في هذا الموقف الرهيب* يقول نادما متحسراً { يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } أي هذه الحياة الماثلة* بين يديه، وهل ينفعه التمني اللهم لا، لا.
قال تعالى مخبرا عن شدة* العذاب وقوة الوثاق* { فَيَوْمَئِذٍ } إذ تقوم القيامة* ويجيء الربّ لفصل القضاء* ويجاء بجهنم *ويتذكر الإِنسان ويأسف ويتحسر* في هذا اليوم يقضي الله* تعالى بعذاب أهل الكفر* والشرك والفجور والفسوق فيعذبون ويوثقون بأمر الله* وقضائه في السلاسل ويغلون في الأغلال* ويذوقون العذاب والنكال* الأمر الذي ما عرفه الناس* في الدنيا أيام كانوا يعذبون* المؤمنين ويوثقونهم في الحبال* وهو ما أشار إليه بقوله: { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ } أي لا يعذب عذاب* أحد في الدنيا مهما* بالغ في التعذيب عذاب الله* في الآخرة { وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } أي لا يوثق* أحد في الدنيا وثاق الله* في الآخرة هذه صورة* من عذاب الله* لأعدائه من أهل الشرك* به والكفر بآياته* ورسوله ولقائه وأما أهل الإيمان به وطاعته* وهم أولياؤه الذين آمنوا في الدنيا* وكانوا يتقون فها هم ينادون فاستمع { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ } إلى صادق وعد الله* ووعيده في كتابه وعلى لسان رسوله* فآمنت واتقت وتخلت* عن الشرك والشر فكانت مطمئنة* بالإِيمان وذكر الله* قريرة العين بحب الله *ورسوله، وما وعدها الرحمن { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ } أي إلى جواره* في دار كرامته حال كونك { رَاضِيَةً } ثواب الله* لك مرضيا عنك من قبل مولاك { فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي } أي في جملة* عبادي الصالحين { وَٱدْخُلِي جَنَّتِي } فيقال لها هذا عندما يرسل الله* الأرواح إلى الأجساد يوم المعاد*، فإِذا دخلت تلقتها الملائكة* بالسلام وتساق إلى ساحة* العرض وتعطى كتابها بيمينها* وثم يقال لها ادخلي في عبادي* أي في جملتهم وادخلي جنتي* بعد مرورها على الصراط اللهم اجعل نفسي* مثل تلك النفس المطمئنة بالإِيمان وذكر الله* ووعد الرحمن وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.
من هداية الآيات:
*- فضل الليالي العشر* من أول ذي الحجة إلى العاشر منه.*- بيان مظاهر قدرة الله* في إهلاك الأمم العاتية والشعوب الظالمة مستلزم لقدرته تعالى على البعث والجزاء والتوحيد والنبوة وهو ما أنكره أهل مكة.
*- التحذير من عذاب الله* ونقمه فإِنه تعالى بالمرصاد فليحذر المنحرفون عن سبيل الله* والحاكمون بغير شرعه والعاملون بغير هداه أن يصب عليهم سوط عذاب.
*- النظرية المادية لم تكن حديثة عهد إذ عرفها الماديون في مكة من مشركي قريش قبل أربعة عشر قرنا.
*- وجوب إكرام اليتامى* والحض على إطعام الجياع *من فقراء ومساكين*.
*- وجوب إعطاء* المواريث لمستحقها* ذكورا أو إناثا صغاراً أو كباراً*.
التنديد بحب* المال الذي يحمل على منع الحقوق*، ويزن الأمور* بميزانه قوة وضعفا*.
*- تقرير المعاد بعرض *شبه تفصيلي ليوم القيامة.
*- بيان اشتداد حسرة المفرطين* اليوم في طاعة الله* تعالى وطاعة رسوله يوم القيامة*.
*- بشرى النفس المطمئنة* بالإِيمان وذكر الله* ووعده ووعيده*، عند الموت وعند القيام* من القبر وعند تطاير الصحف*.
* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
ليست هناك تعليقات